الثلاثاء، 15 أبريل 2008

إيهاب البشبيشي ... وديوانه الذي تأخر ربع قرن

يتعجب كل من يعرفه ، حين يرى هذا القدر الكبير من إبداعه المتميز لدرجة الاستفزاز ، واعتراف الكبار والصغار به بداية من جيل عبد المعطي حجازي حتى جيل العبد الفقير إسلام هجرس ، ثم يكتشف أنه - وبعد مرور أكثر من ربع قرن على اقترافه للأدب - لم يصدر ديوانه الأول إلا قبل أسبوعين بأيام قليلة .
على كل حال ، لا بد أنها فرصة رائعة ، أجَمِّلُ بها مدونتي ، تلك التي سأنقل فيها بعضا من أشعاره التي ستكون أغني وأكثر تعبيرا عن نفسها ، أكثر من كل كلمات المدح والثناء .
***********
هذه هي القصيدة التي سمى بها ديوانه
"نداهة الشعر"
وقد أهداها لصديقه شوقي أبي ناجي قبل وفاته
نداهة الشعر

أذن كما شئت
يا شوقي أبو ناجي
واستصرخ الناس
في الأرضين
أو ناج
أذن كما شئت يا شوقي
لتسمعهم
في كل فجٍ
عميق الغور
عجَّاجِ
أذن كما شئت
صرِّح واستعر وأجز
وحج ما شئت
بالأشعار
أو حاجِ
فلا الفضاء الذي تبلو
بذي حرمٍ
ولا الذين تناديهم
بحجاجِ
...
في أذن من؟
أذن أصنامٍ مرصّعة
بالزيفِ كالدرِّ
أو بالخوفِ كالعاجِ
أم عابديها
مكاءاتٍ وتصليةً
ليحفظوا طيلسان المال
والتاجِ
...
وليس إلاي
والرهط الذين معي
على الطريقة
منهاجاً
بمنهاج
مصدقيك
وكلٌّ في براءتهِ
دماء قلبٍ
من الآلام أجاجِ
فمذ دعتنا إليها
نارها
وكوت جلودنا
بين إبدال و إنضاجِ
ونحن نرقب خلف البابِ
نطرقهُ
وكم على الباب
من غادين نشاجِ
نروح مثلك
ندعو
ملء صبوتنا
وأنت أدرى بهزاج
وصناجِ
نعود لا شيء غير الريح
قبضتنا
وغير أحلام إيهاجٍ
وإبهاجِ
وأنت ما زلت
تغدي الريح مئذنةً
وترسلُ الشعرَ
وهَّاجاً بوهَّاجِ
هل مثلنا
جاوبتك الريح
ساخرة
وصدك البحرُ
أمواجاً بأمواجِ
هل أودع النيل
أُذْن الماءِ
غربتهُ
وحاربتكَ نجومٌ
ذات أبراجِ
أم أوعب النسغ
في الأزهار
فاتشحت بنازف
أحمر الأشذاءِ
مهتاجِ
أذِّن
فلن تُسمِعَ الصُّمَّ الدعاءَ
ولن تهدي ضلالات
عمي الروحِ
سمَّاجِ
أيبرئ العميَ قمصان
ستنسجها دَمعاً
فيالك من باكٍ ونسَّاجِ
أم يوقف النزف
قطن الشعرِ
تحلجه
فمن لنزف جرى
من قلبِ حلاَّجِ
دعته ذات صباحٍ
ذات أحجية
لِذاتِ لـَذَّاتِ
ذاتِ
ذاتِ إلهاج
نداهةُ الشعرِ حسناءٌ
دعته ، وكمٌ
كم غررت
برهيفِ القلبِ
هدَّاجِ
مزَّاجة الكأسِ للنُدمانِ
ما يَقظوا
فإن غووا
لم تدع كأساً
لمزَّاجِ
جنيةٌ
لبست روحي
إذا خلعت
دمقس ما ترتدي
من تحت ديباجِ
تزينت
وهي من عريٍ
مزينةٌ
بكلِّ ألين ضَرَّاجٍ
ورجراجِ
رأيتها وهي تزهو
في مفازتها
تبعتها
وهي من رخوٍ
ودملاجِ
وحين ودَّعَ ضوء العمر
شمعتهُ
وأوغل الركب
في ليلٍ وإدلاجِ
وكان برقٌ
وناسٌ
أنت تعرفهم
يمضون
بين استقاماتٍ
وزجزاجِ
نادت علينا
وساقتنا على حدةٍ
فيالها زوجة
أودت بأزواجِ
من يومها
راح كلٌّ في متاهته
من يومها
وأنا ما عدتُ
أدراجي
أؤذن الصبح
ما لاحت بروقُ ندى
لا الصبح يأتي
ولا ديك الرؤى
ساجي
أذن معي
إن تشأ
لا مصرنا حرمٌ
ولا الذين نناديهم
بحجَّاجِ
* * * * *
ظننتني أمس
أنهيت الذي...
بدأت قصيدتي لك
من همٍّ وإنهاجِ
لكن
وفيما يرى النوَّام
كنت على
- ولا أسميه إسرائي ومعراجي -
حالٍ
من الصحوِ والنومِ
اللذين معاً
تكاثفا
بين إيلاجٍ
وإبلاجِ
وكان يسمر عندي
البحتري
أبو فراس
المتنبي
(المادح الهاجي)
ندير كأس الرؤى
والشعر منسكبٌ
كسكب ماءٍ
من الشلال
ثجاجِ
والليلُ
ما بين إدماجٍ
وإبعاجٍ
والخيلُ
ما بين إدراجٍ
وإسراجِ
وبينما نحن مخمورون
هاتَفَنَا برنةٍ
لست أدري
أم بكرباجِ
كلسعة البرد
يكوي بردها
رئةً
كحمرة الصاج
والنيران في الصاجِ
وجاء صوت أبي تمَّام
معتذراً
يقولُ :
سلم على
شوقي أبي ناجي
بلغهُ
لولا ظروف الحربِ
جئت له
وقل له
دونما لوم وإحراج
السيفُ أصدقُ
يا شوقي أبو ناجي
والناس صنفان :
لا ناجٍ ولا راجِ
فيما الأذان إذن
لا مصرنا حرم
ولا الذين نناديهم بحجاج
*******
****
**
*
وإلى قصائد أخرى أوردها في الردود

السبت، 5 أبريل 2008

صـُدْفـَة

صدفة
صُدْفـَة ًشئتُ أن أغَنـِّي سكوني
حين لم تـُطـْفِئِي عيونـَكِ
صُدْفـَهْ
اجتراءُ الهوى على هدأتيْنا
فرصة ٌ للفتى
ليبدأ َعزفـَهْ
ليس عجزًا
أن يكسرَ النورُ بابي
فأعَرِّيهِ في حنان ٍ
وخِفـَّهْ
أو أريقَ المساءَ
- دونَ اختيار ٍ-
داخلي
كي يُمانحَ العطفُ عطفهْ
ليس إعجازًا أن أغني وحيدًا
والغِنـَا في دَمِي
يُماجِنُ دُفــَّهْ
أو أرى جَنـَّتِي عَلـَى بُعْدِ ...
سور ٍ
من ضلوعي
فأحتويها بقصفهْ
كان عجزي
أن أصحبَ النورَ فردًا
دون أنْ ألهـِمَ الجوانحَ
رجفهْ
كان إعجازي أن أباري ضميري
ماضغًا لسعة الضمير وقـَذفـَهْ
كانَ ما كانَ
بيْدَ أنَّا وَقـَفـْنَا
حيثُ سرُّ الخلودِ
يُجْلـَى بوقفهْ
***
أنتِ
لم تركبي سمائيَ طوعًا
لتسمي سناكِ :
جودًا ورأفهْ
لم تـُخَلـِّي بين الجمال ِوأشعاري
(اختيارًا)
لتـَحْسَبي تلكَ عِفـَّهْ
لم تدوسي على جبيني بعينيكِ
(بأمري)
لأكفيَ الجرحَ نزفـَهْ
فاتركي نصفـَكِ اليتيمَ
يجاري شهوة َالنحل
ِكي يكافِلَ نصفـَهْ
ألـِّقِي ما تشاءُ عيناكِ مِنـِّي
دونَ أن تمنحي المُصَفـِّقَ
كـَفـَّهْ
واستطيعي أن تقطفي من نشيدي
شمعة َالعـُرس ِ
ثم ضِنـِّي بقطفهْ
فإذا خانَكِ اليمامُ
بلطفٍ
طائرا في المدى المراوغ ِ لطفـَهْ
وأشارتْ لكِ الغيومُ لتبكي
وأشارتْ لهُ
ليَخلع َ خـُفـَّهْ
فارْشفيني
من صفحةِ الشمس ِ
ميلادًا وعيدًا
واستغفري ملءَ رشفهْ
فلدى الشمس ِ جنـَّة ٌ لهوانا
ولأعراس ِ ما نـُعانيه
ِزَفـَّهْ
اسحقيني
قد تستفزُّ مساحيقُ انبعاثي
في هدأةِ الروح
ِعصفهْ
ولقد تستطيلُ روحي
بعرض ِالريح ِ
حتى يـُحَطـِّمَ النخلُ سقفـَهْ
فانقساماتُ ما تـُسَمِّينَ موتًا
لحنين
ٍوكبرياءٍ
وألـْفـَهْ
واشتباكُ البناتِ
في موكب النور ِ
سيكفي
ليـُلهمَ الشعر وصفهْ
فإذا أوْرَقـَتـْكِ أحراشُ عِتـْقِي
واستقرَّتْ مِنْ رُوحِه
فيكِ
نـُطـْفـَهْ
وتـَصَاعَدْتِ
في بخار ِ المعاني
نـُتـْفـَة ً من شذىً
تراقِصُ نـُتـْفـَهْ
واشـْتـَراكِ الغمامُ
كِسْفًا :
شفيفَ الوحْي ِ
عذبَ الرؤى
رقيقـًا
مُرَفــَّهْ
صِرْتِ بعدي
- ووحدها أنتِ بعدي -
ثانيَ اثنيْن ِأوردا الحتفَ حتـْفـَهْ

الأخبار