الأربعاء، 1 يوليو 2009

المواقع الجنسية : أزمة الشباب الأولى

منذ عام تقريبا نشرت هذا الموضوع على المدونة تحت عنوان " المواقع الجنسية وباء أم دواء : دراسة شبه تحليلية " ولم يلقَ تفاعلا ، وكنت لم أكمل الفصل الأخير لأن التعليقات كانت أحد المصادر المنتظرة ؛ لذلك أعيد نشره مرة أخرى وأنتظر تفاعل جميع الأصدقاء والأحباب ... (ولا حياء في العلم) :)
المواقع الجنسية ... وباء أم دواء ... دراسة شبه تحليلية .

المتأمل للواقع (الانترنتي) يجد أن نسبة كبيرة من مستخدمي الشبكة العنكبوتية ضيوف منتظمون غالبا أو بشكل متقطع أحيانا على المواقع الإباحية العربية أو الأجنبية ، كما تشير إحصائيات مواقع البحث ، وهو أمر يستدعي الدراسة المتعمقة للكشف عن أبعاد هذه القضية وإلى أين تسير ، وقد تكون السطور القادمة مدخلا إلى ذلك ، من خلال الإجابة عن مجموعة من الأسئلة :
أولا : ما الشرائح التي تطالع المواقع الجنسية ؟
ثانيا : كيف يصل الشخص إلى المواقع الجنسية ؟
ثالثا : ما الدوافع والأسباب الكامنة وراء مشاهدة المواقع الجنسية ؟
رابعا : ما أضرار مشاهدة المواقع الجنسية ؟
خامسا : ما وسائل الوقاية من مشاهدة المواقع الجنسية أو التوقف عن مشاهدتها ؟
ومن خلال الحلقات التالية سأقوم بمشيئة الله بالعرض التفصيلي لكل نقطة محورية ، كخطوة في سبيل حل هذه المشكلة الضخمة ،
والله من وراء القصد...........
((1))
الحلقة الأولى : ما الشرائح التي تطالع المواقع الجنسية ؟

* تكثر مشاهدة هذه المواقع بين الشباب لأنهم الأكثر حاجة وجدانيا وجسديا إلى هذه المشاهدة نظرا للظروف القائمة من صعوبة الزواج وغيره ، ولسهولة وسيلة الانترنت بالنسبة لهم وحريتهم في استخدامها نسبيا مقارنة بالفتيات أو الأطفال ، ويستطيع اكتشاف ذلك بسهولة من له اختلاط مباشر بعالم الشباب .
** وإن كانت تنتشر هذه الممارسة بين الشباب إلا أنها تصيب جميع المراحل العمرية الأخرى من أطفال وفتيات ومتزوجين وكبار كما تثبت التجارب الشخصية على ألسنة أصحابها ، ولا أنسى ذلك اليوم الذي اكتشف فيه معلم صديق لي وأنا في مرحلتي الثانوية تلبس طالبتين في مشاهدة صورة إباحية أثناء الحصة ، ومر الأمر في تكتم شديد حرصا على سمعة الفتيات ونظرا لخطورة عواقبه إن انتشر ، بالطبع هذا مثال لا يمكن تعميمه لكنه يشير إلى أشياء : أهمها وجود مثل هذه الممارسات بين الفتيات – وإن كان بنسبة أقل من الشباب بكثير ، فالذي يـُجرئ طالبة على إحضار مثل هذه الصور إلى المدرسة يـُجرئ غيرها على المشاهدة المنزلية من خلال النت في حال غياب الأسرة .
*** كذلك أذكر ذات مرة قال لي أحد المتزوجين أنه يتابع مواقع البورنو بشكل منتظم ، وحين قلت له : أنت متزوج ؛ فما الذي يدفعك لذلك ؟ قال : زوجتي شيء وما أشاهده شيء آخر ، وأيا كانت إجابته ، إلا أن هنا شاهد يهمنا ، وهو أن لهذه المواقع زبائن من المتزوجين أيضا .
**** ولا عجب إن شملت هذه الممارسات الأطفال والشيوخ ، فالجروبات المنتشرة على النت لا تقتصر على الشباب فقط ، وعصر السماوات المفتوحة يتيح للجميع هذه الإمكانية دون شرط السن ، وغريزة حب الاستطلاع ستدفع الطفل للاطلاع على ما لا يعرف عنه إلا سماعا ، وغريزة الجنس والرغبة في استعادة الشباب والاستمتاع بعالم افتراضي لا يوجد على أرض الواقع الملموس ستدفع الشيخ للبحث والمشاهدة .
............
((2))
الحلقة الثانية : كيف يصل الشخص إلى المواقع الجنسية ؟

(1) من خلال الأصدقاء : حيث يتناقل الأصدقاء فيما بينهم اكتشافاتهم العظيمة ومعلوماتهم الثرية عن مواقع جديدة أكثر إثارة ، من باب نشر المنفعة!

(2) من خلال مواقع البحث : حيث توفر إمكانية البحث عن أي كلمة ، مما يسهل الوصول لمثل هذه المواقع من خلال بعض الكلمات المفتاحية مثل : sex مثلا .

(3) الدعاية والإعلان : عن طريق الإعلان في مواقع أخرى ، أو الاتصال بالشات ، أو الجروبات التي ترسل عروضها إلى أعداد ضخمة من الإيميلات .

(4) الفتح بصورة خاطئة : فأحيانا تكتب موقعا على معالج الانترنت اكسبلورر مثلا او الفايرفوكس فيتحول العنوان لعنوان آخر جنسي دون قصد ، ولذلك سبب لا أعرفه ، لكن ذلك يحدث أحيانا ................

((3))
الحلقة الثالثة : ما الدوافع والأسباب وراء مشاهدة المواقع الجنسية ؟
الكثير من الدوافع والأسباب وراء مشاهدة المواقع الجنسية ، قد تتجمع كلها أو غالبيتها فتكون دافعية ضخمة للمشاهدة ، وقد يتحقق أحدها فيؤدي لبدء المشاهدة ، والبقية تأتي متلاحقة بمجرد البداية ، وهذه أهم هذا الدوافع والأسباب:
(1) الفضول وحب الاستطلاع : فلا شك أن الجميع يسمع كلاما عن الجنس في أي وسط من الأوساط ، هذا السماع يحرك الفضول بداخله ، وحسب درجة الفضول ومحددات أخرى يكون الانطلاق نحو مطالعة أحد المواقع الجنسية كبداية لسلسلة من المراحل التالية .
(2) الحاجة لشغل الفراغ : بحيث لا يكون المقصود الجنس وإنما شغل الوقت فقط ، فتكون البداية بالمشاهدة العادية ، ثم تصل للإدمان .
(3) الرغبة في ممارسة العادة السرية على مثير متجدد وساخن : وهذا منتشر جدا بين الشباب ، وهو سبب من أهم الأسباب ودافع رئيسي لإدمان المشاهدة .
(4) الرغبة في التعلم لغياب سبله الأخرى : والتدرج حتى الوصول لمرحلة المشاهدة والإدمان ، وهذا الدافع دافع جيد لكن عواقبه خطرة ، وقد تكون وسائل أخرى أجدى وأأمن ، لكنها غير متاحة بالصورة المطلوبة للكثيرين .
(5) الحرمان الجنسي لدى المتزوجين : وهو ما يدفع بعض المتزوجين للتعويض من خلال المشاهدة والتخيل والممارسة الفردية .
(6) كثرة حديث الأصدقاء ومحاولة الاندماج معهم : فلا تخلو أحاديث الشباب من هذه الموضوعات ، ووجود أحد أعضاء (الشلة) في وادٍ بعيد عما يتحدثون فيه يـُكـَوِّن لديه رغبة في معرفة هذا الأمر المثير .
(7) ضعف الوازع الديني : فأهم الأسباب التي يمنع الفرد من مشاهدة المواقع الإباحية مراقبة الله ، رغم وجود الرغبة والشهوة ، وغياب هذه المراقبة بمثابة انفتاح الزجاجة وخروج المارد ليتحكم في الإنسان لا ليقول له "شبيك لبيك عبدك بين إديك" .
(8) التفكك الأسري وعدم وجود الرقابة : فوجود الرقابة الأسرية وعدم إحساس الإنسان بوحدته من أهم موانع المشاهدة ، فمراقبة الناس عند البعض أعمق تأثيرا من مراقبة الله ، وهذا بلا شك خلل كبير ، لكن الشاهد لدينا الآن أهميته في منع مشاهدة هذه المواقع .
(9) عدم سماح الأسرة بالحديث في مثل هذه الأمور : مما يجعلها مجالا للفضول الدائم ، وهنا تتضح النتيجة العكسية للتربية الشديدة ، رغم توفر حسن النية ودافع المصلحة .
(10) الإثارة الدائمة في وسائل الإعلام : والتهاون في أمر الجنس مما يسهم في تغيير خلفيات الأشخاص عنه ، فالأمر الذي تربينا الأسرة دائما على أنه محظور : متاح ويجوز الحديث فيه ، وهذا التضارب يتعانق مع الرغبة الداخلية في المعرفة عن الجنس ، ويكون السوق الرابح لذلك هو الشبكة العنكبوتية .
(11) الاختلاط والزحام والإثارة من خلال الرؤية أو التلامس : وهذا يشعل الرغبة ويجددها ، ويجعل الشاب واقعا بين خيار الكبت الذي يصعب عليه ويجده أشبه بالمستحيل ، أو الانحلال وهو أيضا خيار صعب لأنه ليس شخصا سيئا وليس مستعدا لأن يفقد كل ما اختزنه من قيم وليس قادرا على مواجهة انتقادات الآخرين له ، أو الخيار الوسط وهو المشاهدة الفردية والتفريغ الفردي السهل ، وهو أقلها تكلفة اجتماعية وقيمية ونفسية من وجهة نظر المشاهد والممارس .
(12) الكبت الذي يتعرض له الشخص طيلة فترات ما قبل الزواج : فيقضي هذه الفترة أسيرا لمشاهدة مسروقة أو ممارسة سريعة ، ويتصدر النت هذه الوسائل .ربما تكون هناك أسباب أخرى ودوافع ، إلا إن ما سبق يجمع غالبيتها حسب إمكانيات البحث .
..............
((4))
الحلقة الرابعة : ما أضرار مشاهدة المواقع الجنسية ؟
(1) الوصول لحالة الإدمان : بحيث تصبح المشاهدة ركنا مهما في الجدول اليومي ، وتزداد الرغبة الجنسية عند الشخص حتى تصبح تهديدا أكبر لحياته كلها ، كما شبهها أحد العلماء بمن يشرب ماء مالحا بسبب عطشه فيزداد العطش ، وكلما شرب كلما زادت حاجته للماء .
(2) الرغبة في التفريغ الجنسي على أي صورة : فيكون ذلك من خلال العادة السرية ، وهي بالغة الضرر على الصحة والحالة النفسية ( بدون الدخول إلى تفاصيل ذلك )، وربما وصل الأمر إلى الزنا إن هيئت السبل إليه .
(3) تضييع أوقات ضخمة : فالجلوس لهذه المشاهدة يسحب وقتا كبيرا ، فيبدأ بمشاهدة صورة أو فيلم ثم تزداد المشاهدة تدريجيا ، والأخطر من إهدار الوقت ملء العقل بعدد ضخم من الملفات والمستندات الضارة ، كمن يضع على جهازه ملفات مليئة بالفيروسات ، وهنا ضرران كبيران لم يكونا في الحسبان .
(4) إهدار الصحة والجهد : وذلك بسبب كثرة السهر ، وفقد الكثير من الطاقة ، والتسليم لشبح الجنس ، مما يطبع على شخصية الفرد ويؤدي إلى ذبوله وانخفاض كفاءته الصحية والاجتماعية تدريجيا .
(5) تكوين أفكار خاطئة عن الجنس : مما يؤدي إلى عدم القدرة على الممارسة الزوجية السليمة أو عدم الرضا بالزوجة ، فالأفلام والصور التي تمتلئ بها المواقع الجنسية إما مبالغ فيها فهي تمثيل لا يتطابق مع الواقع ، أو تحمل ممارسات شاذة وغريبة ؛ ويظن مشاهد المواقع الإباحية أن مشكلته ستنتهي بالزواج ، ليصحو على الواقع الأكثر ألما ، وهو بداية مشكلة أكثر خطورة .
(6) الانصراف عن القيم الإيجابية وتضاؤلها أمام الجنس : كالعلم والطهر والعمل والإنجاز و...... إلخ : فيهمل العلم لانشغال ذهنه بأمور أخرى ، وتنحدر أخلاقه ، وتقل إنتاجيته ، ويصبح عالة على مجتمعه لا يسهم في تقدمه بل هو مجرد مستهلك للجنس ، وإن حاول ألا يكون كذلك فإن معنى هذا أنه قادر على أن يكون أكثر فاعلية ، وأطهر لو لم يغزه فيروس الجنس الخطير .
(7) تدهور العلاقات الاجتماعية : بسبب الانعزال والوحدة وانشغال التفكير الدائم ، وهذا يجعل موقفه غريبا أما القريبين منه الذين يلاحظون تغير شخصيته وأدائه .
(8) الترجمة اللاشعورية لكل شيء ليؤول في النهاية للمعنى الجنسي : فقد ينظر إلى زميلاته نظرة جنسية ، وربما إخوته وربما أمه ، فدعوات جنس المحارم أو الثورة الجنسية تملأ هذه المواقع وتغير في العقل الباطن والخلفيات لتجعله يقبل أشياء لم يكن يتخيلها قبل ذلك .
(9) إهمال الصلاة وانفراط منظومة القيم الدينية واحدة تلو الأخرى : هذا له ارتباط بحاجته إلى التطهر والاغتسال بشكل دائم وهو أمر شاق ، وإهمال الصلاة بداية لإهمال أشياء أخرى .
(10) احتقار الذات : للإحساس الدائم بالسرقة والهرب من مواجهة الآخرين ، مع شناعة الفعل ، والشعور بالتأنيب الدائم قد يجر إلى شعور آخر ، وهو فقدان الأمل في النفس ، وإلف الذنوب ، والتعامل بمنطق " بايظة بايظة " .
(11) سقوط الشخص من نظر الآخرين في حالة افتضاح أمره : وهذا تهديد يلاحق من ستر الله عليه مرات ومرات فلم يتغير .
(12) اقتراف الكثير من الذنوب : فكل الأضرار السابقة أضرار صحية ونفسية واجتماعية ، بينما الضرر في الدين أكبر من كل ذلك ، وأكبر من مجرد اقتراف الذنب : عدم الانتباه لعين الله التي ترى المذنب وكما يقال : "لا تجعل الله أهون الناظرين إليك"
(13) الوقوع في خطر سوء الخاتمة : فماذا يفعل من يموت على هذه الحالة ، إن سوء الخاتمة يكون عقابا من الله لمن لم يتب وقد أتيحت له الفرصة مرات كثيرة فلم يغتنمها ، ولن تجدي في هذه الحالة متعة ساعة يقضيها الشخص أما موقع جنسي ، بل تكون حسرة الدنيا والأخرة .
هذه أغلب الأضرار الناجمة عن مشاهدة المواقع الجنسية ، وهي ليست أضرارا هينة ، والوقوف على هذه الأضرار والاستحضار الدائم لها مدخل مهم للتوقف عن المشاهدة .
.............
أكمل المحور الأخير قريبا إن شاء الله

الأخبار