الأربعاء، 2 فبراير 2011

لا داعي للسهوكة يا ست منى !!!


بدون مقدمات ...
مبارك لم يختر مصلحة مصر، وإنما اختار الأستر لمنظره والأقل غرامة .. هو كان بين أربعة اختيارات .. أن يظل في الحكم غصبًا، أو يعد المصريين بأنها الفترة الأخيرة له - كما صنع، أو يبدأ فورًا في التنحي ونقل السلطة سلميًّا عن طريق انتخابات حرة، أو يهرب .

الاختيار الأول كان سيأتي برأسه .. وهو اختيار شخص شديد الحماقة .. والمعروف أن مبارك أحمق بما يؤهله لما وصل إليه الآن فقط، وليس لما هو أكثر من ذلك .

الاختيار الثاني، وهو في مصلحته الشخصية فقط، فهو به سيبتعد عن المساءلة، اعتمادًا على خداعه لعدد ما من الشعب ممن ستنطلي عليهم الخدعة، وتخطيطًا لاستثمار الوقت الذي كسبه بما يقلل من إداناته ويعمق من إنجازاته (من خلال توظيف عاطفية الشعب المصري المعروفة) ، وسيحتفظ بقليل من ماء وجهه (المزعوم)، فبدلًا من الخروج مطرودًا يخرج بإرادته وقراره - كما يرى هو ومن حوله من الذئاب الذين خططوا لهذا الخروج السالم، بما يؤمنهم هم أيضًا (زكريا عزمي وسرور وباقي شلة الخنازير) .

ذكرني بمحمد هنيدي في فيلم جاءنا البيان التالي عندما تفاوض مع الصحفي الشهير الذي تنازل عن فضحه لقضية الفساد (لأنهم مسكوا عليه ذلة) فطرده من البيت رافضًا العرض، فقال هنيدي : يادي الكسوف ، طيب يا أستاذ فؤاد أستأذنك بقى يا دوب ألحق المعاد .

الاختيار الثالث، وهو مصلحة الوطن، الأقل ضررًا، والأكثر استجابة لرغبة الناس، والأسرع إنجازًا، لأن بعده خطة عمل تصورية، تبدأ بحل المجلس المزور، وعمل انتخابات جديدة لمجلس الشعب بإشراف قضائي، ثم تعديل مواد الدستور المقيدة للحريات، خاصة ما يتعلق بتكافؤ فرص الترشح لرئاسة الجمهورية وضمانات عدم التزوير .

لكن هذا الاختيار سيضيع على مبارك فرصة الخروج الأستر لكرامتة (المزعومة كما قلنا)، وقد يضعه تحت المساءلة والمحاسبة، هو وعصابته التي تخطط له، وهو ما يجعله حلًّا لا يأتي اختيارًا، وإنما انتزاعًا، من خلال استمرار مسيرة الانتزاعات المتتالية، وعدم الانصراف والاقتناع بالخدعة المحبوكة.

الاختيار الرابع، وهو مضر لكل الأطراف، من جهة مبارك : لن يتناسب مع طبيعة المصري - محب الفشخرة ، عاشق المنظرة، ورغم تاريخه المشين جدًّا ، ورغم المزبلة اللوكس التي تنتظره (مزبلة التاريخ أقصد)، فلن يقبل إلا أن يدخلها من باب التضحية والتفاني في خدمة الوطن، ولن يقبل أن يكون بصقة أثقلت ريق الشعب فتخلص منها بكل بساطة .

مضر أيضًا لمصر كوطن، حيث سيضع البلاد في فوضى كبيرة، تبعًا لاختلاف العقليات والأغراض والمصالح داخليًّا وخارجيًّا.

هو في كل الاختيارات واقع تحت ضغط وضرر، لكنه اختار الأصلح لنفسه فقط، هو يكلل مسيرة الدكتاتورية وحب الذات التي تبناها طول حياته ، وإن اختلفت الأسماء والعناوين .

لذلك لا داعي للسهوكة يا ست منى الشاذلي ، والبكاء تأثرًا .. مبارك لم ينقذ مصر وإنما... أنقذ نفسه (ما يمكن إنقاذه منها)، وإن كان هناك من بكى مثلك تأثرًا؛ فسيظل عذره أنه ليس من الصفوة الذين يضطلعون بمهمة توجيه المجتمع، والفهم نيابة عنه بداية ثم تفهيمه وتوجيهه لتكون تبعية مبصرة اطرادًا .

لا أقول أنك متواطئة ولا ساذجة، لكنك شديدة الرومانسية يا عزيزتي، بما لا يناسب التعامل مع الخنازير.

سأظل أدعو إلى استمرار الثورة الشعبية الرائعة حتى تصل البلاد إلى وضعها الأفضل، وعوائق التنفيذ المتوقعة لن تكون في يوم من الأيام شائنة لشرف الحلم وطهارة المسعى.

الأخبار