الثلاثاء، 4 أغسطس 2009

"الجنازة الرومانسية" من روائع الشعر العربي (1)

بمشيئة الرحمن سأقدم من فترة لأخرى مختارات من قصائد لم تمر عليَّ مثل غيرها
لأملأ فراغا قد يتركه انشغالي عن بيتي الالكتروني: مدونتي
ولأجملها بأعمال رائعة
.
هذا هو العمل الأول

" الجنازة الرومانسية " لإيليا أبي ماضي
.
.
.
أنا إن أغمض الحِمَامُ جفوني
ودوى صوت مصرعي في المدينة
*
وتـَمَشـَّى في الأرض داراً فداراً
فسمعتِ دويه ورنينه
*
لا تصيحي واحسرتاه لئلا
يدرك السامعون ما تضمرينه
*
وإذا زرتني وأبصرتِ وجهي
قد محا الموت شكه ويقينه
*
ورأيت الصحاب جاثين حولي
يندبون الفتى الذي تعرفينه
*
وتعالى العويل حولك ممن
مارسوه وأصبحوا يحسنونه
*
لا تشقي علىَّ ثوبك حزناً
لا ولا تذرفي الدموع السخينة
*
غالبي اليأس واجلسي عند نعشي
بسكون إني أحب السكينة
*
إن للصمت في المآتم معنً
تتعزى به النفوس الحزينة
*
ولقول العذال عنك ( بخيل )
هو خيرٌ من قولهم ( مسكينة)
*
وإذا خفت أن يثور بك الوجد
فتبدو أسرارنا المكنونة
*
فارجعي واسكبي دموعك سراً
وامسحي باليدين ما تسكبينه
***
يا ابنة الفجر من أحبك مـَيـْتٌ
ولأنت بمثل هذا مهينة
*
زايل النور مقلتيه وغابت
تحت أجفانه المعاني المبينة
*
فأصيخي ! هل تسمعين خفوقاً
كنتِ قبلاً في صدره تسمعينه
*
وانظري ثم فكري كيف أمسى
ليس يدري عدوه وخدينه
*
ساكتاً لا يقول شيئاً ولا
يسمع شيئاً وليس يبصر دونه
*
لا يبالي أأودعوه الثريا
أو رموه في حمأة مسنونة
*
وإذا الحارسان ناما عياءً
ورأيتِ أصحابه يتركونه
*
فتعالي وقبّلي شفتيه
ويديه وشعره وجبينه
*
قبل أن يسدل الحجاب عليه
ويوارى عنك فلا تبصرينه
*
واحذري أن تراك عين رقيبٍ
ولئن كان جل ما تحذرينه
*
فإذا ما أمنتِ لا تتركيه
قبلما يفتح الصباح جفونه
*
وإذا الساعة الرهيبة حانت
ورأيتِ حراسه يحملونه
*
وسمعت الناقوس يقرع حزناً
فيرد الوادي عليه أنينه
*
زودي الراحل الذي مات وجداً
بالذي زوّد الغريق السفينة
*
نظرةٌ تعلم السماوات منها
أنه مات عن فتاة أمينة
***
طوت الأرض من طوى الأرض حياً
وعلاه من كان بالأمس دونه
*
واختفى في التراب وجه صبيحٌ
وفؤاد حيٌ ونفسٌ مصونة
*
وإذا ما وقفتِ عند السواقي
وذكرتِ وقوفه وسكونه
*
حيث أقسمتِ أن تدومي
على العهد
وآلى بأنه لن يخونه
*
حيث علّمته القريض فأمسى
يتغنى كي تسمعي تلحينه
*
فاذكريه مع البروق السواري
واندبيه مع الغيوث الهتونة
*
وإذا ما مشيتِ في الروض يوماً
ووطأت سهولة وحزونه
*
وذكرتِ مواقف الوجد فيه
عندما كنت بالهوى تغرينه
*
حيث علّمته الفتون فأضحى
يحسب الأرض كلها مفتونة
*
حيث وسدّته يمينكِ حتى
كاد ينسى شماله ويمينه
*
حيث كنتِ وكان يسقيكِ طوراً
من هواه وتارةً تسقينه
*
حيث حاكَ الربيع للروض ثوباً
كان أحلى لديه لو ترتدينه
*
فالثمي كل زهرة فيه إني
كنتُ أهوى زهوره وغصونه
*
ثم قولي للطير : مات حبيبي!
فلماذا يا طير لا تبكينه ؟
*
وإذا ما جلستِ وحدك في الليل
وهاجت بك الشجون الدفينة
*
ورأيت الغيوم تركض
نحو الغرب ركضاً
كأنها مجنونة
*
ولحظتِ من الكواكب صداً
ونفاراً وفي النسيم خشونة
*
فغضبتِ على الليالي البواقي
وحنيتِ إلى الليالي الثمينة
*
فاهجري المخدع الجميل وزوري
ذلك القبر ثم حيي قطينه
*
وانثري الورد حوله وعليه
واغرسي عند قلبه ياسمينة
*
***

هناك 3 تعليقات:

شق القمر يقول...

السلام عليكم
كيفك يا إسلام وكيف حالك وأحوالك
يارب دوما بخير

أتحفتنا يا إسلام
والله مختارة رااااااائعة
وفكرتها عالية جداااااا

وعايزة أعرف معنى الكلمات دى

داراً فداراً
معن

أراك على خير دوما أخى الكريم :)

غير معرف يقول...

أحسنت الاختيار شعرا وشاعرا
ليست غريبة هذه الرومانسية على إيليا
أولا لأنه من عيلتنا- LOL-
ثانيا لانه ولدفي جيب لبنان وارتحل إلى الاسكندريةثم إلى نيويورك
وكلها أماكن تبث الجمال والحس في الروح بثا
كما قلت لك آنفا أظن-وصدق ظني- أن هذا الاختيار
لظروف تمر بها
فرج الله همك
سلامي إليك
أخوك

Unknown يقول...

اختار شاعرنا الكبير لحظة فارقة فى حياة كل انسان ،وجعل يلقى وصيته على اسماع معشوقته ومن يهوى واجتار قافة الهاء الساكنة اذا تجاوزنا عن كون بعض الابيات قد تتحول فى الوصل الى تاء _وهى قافية تعبر عن جو الحزن وتناسبه تماما ما جعل صدورنا تأن معه عند قراءة القصيدة ....

الأخبار